بَـوح شـامـيّــة 'ۦ
ابنـةُ الغربـة ، شقيقة الوحدة ، تبني على كفّ الرّيحِ حلمَها وتنسج من أمنياتها بِساطاً أزرقاً وتحلّـق به . .
🕊
" أنشر ما يروقُ لي " ..
عدتُّ للخلفِ كثيراً ، وقفتُ عند أحداثٍ لا تُعدّ ومواقفَ لا تُحصى ، بدأتُ بتحليلها على غيرِ عادةٍ ، مُتسائلةً أين أنا مِمّا حدثَ هنا ، ومِمّا غاب عن عيني هناك؟! كيفَ صعُبَ عليّ الجواب يوم سُئلتُ كذا ، وكيف اختبأتُ خلف الحقيقةِ بقول " لا شيءٍ " مخافةَ تركِ حزنٍ في قلبٍ عابرٍ يومها ، كيف فرّغتُ أشياء كان عليّ توضيبها بمعزلٍ عن مسامعِ النّاس ، وكيف سترتُ حقائقَ زُيّفَت بستارةِ جاهلةٍ! ، كيف حملتُ أخطاء غيري بحماقةٍ وحُمِّلْتُ؟! ، كيفَ ظلمتُ نفسي وظُلمت؟! ، كيفَ عرّفتُ العلاقاتِ لنفسي وعلى أيّ أساسٍ مضيتُ بها؟ ، كيفَ عاندتُ ألّا أرسمَ حدوداً وندمت ، كيف تصرّفتُ على سجيّتي وتحامقت؟!
كيف نظرتُ لجميعِ النّاس على أنّهم " أنا " ، وتجاهلتُ أنّ ال " أنا " من شخصٍ لآخرَ تختلف .
عدتُّ بصمتٍ مُخيفٍ ، ومزاجٍ مُتقلّبٍ ، عدتُّ بابتسامةٍ تُخفي دمعةً وقلبٍ مُتعبٍ من أحداثٍ مضت ، عدتُّ حذرةً وبدأت بنفسي!
أنا الآنَ آخذُ حذري من نفسي . . )"
أدركُ أحياناً بأنّ الخياراتِ تُلقى أمامنا لنعودَ إليك ، وأؤمنُ مع ضائقةِ الطرقِ هذه بأنّ المرَدَّ الصّائبَ هو الانقيادُ نحوك ، وأشعرُ أنّني كلّما ازدادَ إيماني رحّب بي البلاء ، وكلّما نقصَ إيماني انساقت ليَ الدّنيا ، ولا يهزّ ذلك من حُسن يقيني بكَ شيئاً يا رب ، وتعلمُ بأنّني أتفطّن لمعنى الاستدراجِ وأخاف منه ، وأستأنسُ بالبلاءِ إذا ما ردّني كي أنكسرَ على عتباتِك ..
الأيامُ تمرّ وتأخذ منّي ، والأنفاسُ تتقطّع من خرمِ إبرة ، واللّهفةُ لأن تستجيبَ تحملني على بساطٍ من ريحٍ لأزدادَ في دعائي إليك ، وأقولُ اللهمّ اختر لي ولا تخيّرني ، لأنّني ذقتُ مرارةَ أن أوكَلَ لنفسي ، وأفتقرُ لأن أُرجِعَ الأمرَ لخيارِك سبحانك ، وأصلّي أن توافقَ مشيئتُك مشيئتي ، فأرضى وتُرضيني ، لأنّ لا غيركَ تحيطُ بي علماً ، وتعلم جهري وما أخفَيتُ من أمري ، واطّلعتَ على قلبيَ المهترئِ لا يرجو غير أن يسلَمَ ويطمئنّ ويهدأ .. أعرفُ بأنّ شتاءَ العمرِ لم يأتِ بعد ، لكن ما كلُّ هذه العواصفِ في قلبي؟
هب لي مُستراحاً أستقرّ عنده ، وموطنَ ثباتٍ لا يُعيدني إلا إليكَ سبحانك ، فلكَم سلكتُ دروباً شتّى ، ولم ألقَ هناءً بغيرِ الدربِ الذي ينتهي إليك .
جاء هذا الفصل في موعده المناسب أو في موعدي أنا ، ليكتبَ مرارةَ السّقوط وقوّة الصّمود .. ليوثّق في صفيحاته أيّاماً مُورِقة وأخرىٰ صفراء يابسة
..
أنعم الله بالانتصار المنتظر والذي بكيت لأجله أيّاماً وأيّاماً ، ودعوتُ لأجله أكثر ، في أكثر أيامي انطفاءً .. لم تكن فرحتي به كما كنتُ قد خططت لها ولكن ربّي أعلم بما تخفي الصدور وما هو ثقيلٌ عليها ، حاشى أن أفقدَ الرجى فيه أو أن لا أقدّر كرمه ورحمته فيّ ومنته عليّ في كلّ لحظات حياتي حتى تلكَ التي ظننتها الأقسى والأمَر ، حاشى أن أنسى شكره عليها فيذهبَ بها وأنا ليس لي إلّاها اتّكئ عليها بكلّي
لذا وبرغم كلّ ما أقاسي من شعور ..
﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
❤️🩹
كُلي منّةً ورضى يا ربّ
رضيتُ يا ربّ
لا تجزع فقد ينفتح الباب ذات يوم تحيّةً لمن يخوضون الحياة ببراءة الأطفال وطموح الملائكة .
• نجيب محفوظ |
يسعى الإنسان إلى الحرية حتّى يعرف ، ثمّ حين يعي تماماً إلى أين ستهوي به .. يدعو : اللهمّ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، واختر لي ولا تخيّرني .
﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾.
والذي أوتي عفّة القلب لا يتسوّل شعوراً من أيّ عابرٍ ، ولا يمدّ يد الحاجة بشكلٍ لا يليق به ليسدّ شيئاً من فراغ عاطفته ، وإنّما المُكرِمُ لنفسه ، الكريم أصله ، واللبيب من يضمّ إليه قلبه حتّى يمنحه لمن رآه تاجاً ، أمّا الذين يجعلون قلوبهم سبيلاً لكلّ المارّة فهم في ذِلّةٍ وجِراحٍ لا تنتهي ، ولا يستوي الكريم ابن الأكارم بالذي يُسيئ إلى قلبه .
• عِماد عيد |